الحقيقة أن الكذب له لون واحد,وهو لون النفاق الأسود,فليس هناك كذب أبيض وآخر أسود,فالكذب كذب.وإن من مصيبة المرأة المسلمة أن يكون أسهل طريق عندها للخروج من موقف ما,هو الكذب.
ولكن هناك ألوان من الكذب قد تتساهل فيها المرأة المسلمة,وتجد أنها لاتدخل تحت نطاق الكذب,منها:
- الفخر وادعاء الكمال,وعدم الاعتراف بالنقص.
كثير من النساء تحاول أن تداري نقصها,أو تظهر ماليس فيها,فلايكون السبيل الى ذلك إلا بالكذب,وتقول :أنا لاأكذب,ولكني أتجمل,مع أن التجمل لخداع الناس كذب.
- الكذيبة
هكذا إن شئت أن تسمي تلك الكذبة التي تسميها بيضاء فسميها كذيبة,أي كذبة صغيرة.ومن أشكالها التصنع بصفة ليست فيك.
- الكذب على الزوج
وقد تسأل سائلة: إذا كان الإسلام قد أجاز الكذب على الزوجة لإرضائها,فهل يجوز للمرأة أن تكذب على زوجها لإرضائه؟
الحقيقة أن القاعدة في العلاقة الزوجية قائمة على قوله تعالى :
(ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم) (البقرة /228).
وهذه الدرجة كما فسرها الكثير من المفسرين إما درجة طاعة المرأة للرجل لقوامتهورياسته على البيت,وإما درجة تحمله وصبره على زوجته,وإن يعطيها حقها كاملا,ويقبل منها ماتعطيه من حقه وإن كان ناقصا,فتلك هي الرجولة الكاملة.
وللمرأة مثل ما للرجل,ولكن أسلوب التناول والتعامل يختلف بسبب اختلاف المواقع الإدارية في الأسرة,واختلاف الطبيعة الشخصية للزوجين.
فالإسلام أجاز للزوج أن يكذب على زوجته فيما ليس بحرام أو حتى مكروه,وإنما في المباح وحتى لايثير غيرتها,كأن تكون زوجته دميمة مثلا فيقول لها :أنتِ في نظري أجمل الجميلات,أو تكون قصيرة مثلا فيقول لها: أنه يحب القصر في النساء وهو ليس كذلك,أو لا يخبرها بذهابه وإيابه إن ظن أن ذلك يحزنها.
والمرأة لها أن تكذب على زوجها في مثل ذلك,كأن يكون قدره في قلبها ليس بكبير فتقول له :أنت أغلى إنسان عندي في الوجود,أو تكون شخصيته في نظرها ضعيفة فتقول له :أنت رجل قوي الشخصية,من باب تشجيعه,أو مثل هذه الأمور.
ولكنها لاتكذب عليه في خروجها من البيت,لأنه لايجوز خروجها من البيت إلا بإذنه,أو في إنفاقها المال إلا في حالة بخله وشحه,فإن ما تنفقه يعتبر صدقة إن كان بخيلا,ويعود أجره عليها وعليه.
والحقيقة :كلما كان الصدق هو أصل التعامل بين الزوجين فإن الكثير من الأزمات والمطبات الخطيرة سوف ينجو منها البيت,وتمر عليهم مروراً عابراً.
عندما تكره المرأة زوجها
وعجبت من امرأة أراد زوجها أن يطلقها فسألته: لماذا؟
قال: إنها تكرهني.
فقلت له: كيف عرفت؟
قال: هي قالت لي ذلك بلسانها.
قلت: لعلها تكون قالت ذلك في ساعة غضب,أو خلال مشاجرة بينكما.
فأقسم أنها قالت له ذلك في أرق وأنعم اللحظات بينهما!
فلما سئلت هذه المرأة عن موقفها هذا قالت بكل سذاجة :هذا هو شعوري نحوه,فلما سألني لم أستطع الكذب,فهل تريدني أن أكذب؟
أقول لمثل هذه المرأة الطيبة :"إن كذبك على زوجك في مثل هذا الأمر لاشيء فيه,وأظنه من الصبر الذي يعطيك الله عليه الثواب".
إن الحب ليس هو مايعرضه علينا الإعلام في الأفلام والمسلسلات والأغاني,ليس فقط كلمات الهيام,أو تلامس الأيدي,أو تبادل الزهور.
وإذا سألنا هذه المرأة الساذجة: هل تريدين أن يطلقك؟
تقول في فزع :لا!!
فنتعجب ونسأل :وأي حب أكبر من ذلك؟!
أقول لك في النهاية: اصدقي مع زوجك كل الصدق,وكوني معه كتاباً مفتوحاً,ولاتكذبي عليه أبداً إلا في صفاته الشخصية,وشعورك نحوه,وأعدك أن كذبك عليه في هذين الأمرين سيكون خير سبيل لأن يكون كما تحبين.
لاتكذبي:
أعود فأكررها في آخر حديثي لكِ: اصدقي في القول ولا تكذبي,نظفي لسانك من الكذب بكل ألوانه وأشكاله وأحجامه,فإن الله وعدك إذا أنتِ تركت هذه الآفة من آفات اللسان – الكذب – والتزمت السداد في القول والصدق فيه,فإنه سوف يصلح لك علاقتك به,ويجنبك خبث الكذب عليه,بل ويغفرلكِ ذنوبك؟ استمعي إليه وأبشري كما استبشرت انا بقوله تعالى :
(ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديداً.يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً) (الأحزاب / 70 – 71 ).